بسم الله الرحمن الرحيم
إن حجة الوداع التي كانت آخر عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- بالبيت الحرام رسمت معالم عظمى في حياة الناس، وبينت أحكاماً جليلة وأحقت حقوقاً وأبطلت شروراً، إن ما يميز هذه الحجة النبوية عن غيرها من الزيارات للبيت الحرام أنها أعلنت أهم الحقوق الثابتة الراسخة إلى قيام الساعة.. وسوف نعرض بعض ما جرى في هذه الحجة من مواقف ومن خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها، ثم يتم التعريج إلى ذكر الفوائد والعبر..
أعلن رسول الله نيته بالحج، وأشعر الناس بذلك حتى يصحبه من شاء.
فترك المدينة أواخر ذي القعدة، بعد أن أمَّر عليها في غيابه "أبا دجانة" والحج هذه المرة جاء مغايراً لما ألِفَتهُ العرب أيام جاهليتها.
انتهت العهود المعطاة للمشركين، وحظر عليهم أن يدخلوا المسجد الحرام.
فأصبح أهل الموسم -قاطبة- من الموحِّدين الذين لا يعبدون مع الله شيئاً، وأقبلت وفود الله من كل صوب تيمم وجهها شطر البيت العتيق، وهي تعلم أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- هو في هذا العام أمير حجهم ومعلمهم مناسكهم!!.
ونظر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- إلى الألوف المؤلفة وهي تلبي وتهرع إلى طاعة الله، فشرح صدره انقيادها للحق، واهتداؤها إلى الإسلام، وعزم أن يغرس في قلوبهم لباب الدين، وأن ينتهز هذا التجمع الكريم ليقول كلمات تبدد آخر ما أبقت الجاهلية من مخلَّفات في النفوس، وتؤكد ما يحرص الإسلام على إشاعته من آداب وعلائق وأحكام